معنى: باب ما تكون به الطهارة من الماء، وتعريف الطهارة
التقدير: هذا باب ما تكون به الطهارة من الماء، فحذف المبتدأ للعلم به، وقوله: ما تكون به، أى تحصل وتحدث، وهى هاهنا تامة غير محتاجة إلى خبر، ومتى كانت تامة كانت بمعنى الحدث والحصول، تقول: كان الأمر، أى حدث ووقع، قال الله تعالى: ( وإن كان ذو عسرة )، أى: إن وجد ذو عسرة. وقال الشاعر:
إذا كان الشتاء فأدفئونى فإن الشيخ يهدمه الشتاء
أى إذا جاء الشتاء وحدث.
وفى نسخة مقروءة على ابن عقيل: (باب ما تجوز به الطهارة من الماء)، ومعناهما متقارب.
والطهارة في اللغة: النزاهة عن الأقذار، وفى الشرع: رفع ما يمنع الصلاة من حدث أو نجاسة بالماء، أو رفع حكمه بالتراب.
وهنا تأتي فائدة: أن كل ما له موضوع شرعى ولغوى، إنما ينصرف المطلق منه إلى الموضوع الشرعى كالوضوء، والصلاة، لأن الظاهر من صاحب الشرع التكلم بموضوعاته.
والطهور -بضم الطاء-: المصدر، قاله اليزيدي.
والطهور -بالفتح- من الأسماء المتعدية، وهو الذي يطهر غيره، مثل الغسول الذى يغسل به.
وقال بعض الحنفية: هو من الأسماء اللازمة، بمعنى الطاهر سواء، لأن العرب لا تفرق بين الفاعل والفعول في التعدى واللزوم، فما كان فاعله لازما كان فعوله لازما، بدليل قاعد وقعود، ونائم ونؤوم، وضارب وضروب.
وهذا غير صحيح، فإن الله تعالى قال: (ليطهركم به) وروى جابر، رضى الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعطيت خمسا لم يعطهن نبى قبلى، نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا. ولو أراد به الطاهر لم يكن فيه مزية، لأنه طاهر في حق كل أحد، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن التوضؤ بما البحر؟ فقال: هو الطهرو ماؤه، الحل ميتته. ولم لم يكن الطهور متعديا لم يكن ذلك جوابا للقوم، حيث سألوه عن التعدى، إذ ليس كل طاهر مطهرا، وما ذكروه لا يستقيم، لأن العرب فرقت بين الفاعل والفعول، فقالت: قاعد لمن وجد منه القعود وقعود لمن يتكرر منه ذلك، فينبغى أن يفرق بينهما هاهنا، وليس إلا من حيث التعدى واللزوم.
المصادر:
1-المغني م1 ص12.